رسالة الى كل مبدع و موهوب
كثيرون من يغيضهم نجاح الآخرين و تميزهم ، و كفاك أن تعاقب مثل هؤلاء ( المرضى ) بالمزيد من النجاح و الإصرار على العطاء بذات النفس ، ألم يقل المتنبي ذات مساء :
إني وإن لمت حاسدي فما......أنكر أني عقوبـة لـهم
ولأن الغيرة في بعض المواطن تولد ( الحسد ) ، و الحسد في الأصل ناجم عن ( النقص ) ، فمن البديهي أن يتعرض ( أي مبدع ) للطعنات و ربما السب و الشتم ، كتنفيس من هؤلاء ( المرضى ) عما يشعرون به من غيره و حسد تجاهه ، و مذمة ( الناقص ) للمبدع هي الشهادة التي قال فيها الشاعر :
و إذا أتتك مذمتي من ناقص......فهي الشهادة لي بأنـي كامل
فلولا ( تميز المبدع ) أو ( الناجح ) و في أي مجال لاما تعرض للحسد ، و هكذا عرفنا من آبائنا و أمهاتنا أن ( الشجرة المثمرة هي التي تقذف بالحصى ) ، و علمنا التأريخ أن ( كليب طعن من الخلف لأنه كان يسير في المقدمة ) ، فالرجل الذي يشرب من ( الماء النقي ) يسر برؤية صورته الواضحة على سطح الماء ، أما من يرتوي من ( المستنقعات ) فلا يسلم من القاذورات و لا يأمن الانزلاق إلى قعر ما ارتوت منه نفسه . . . و من شيم النفس ( الطيبة ) و ( الواثقة ) عدم مجاراة ( مرضى الحسد ) ، لا عجزاً أو سذاجةً و إنما ترفعاً و إعزازاً لهذه النفس :
إذا وقع الذباب على طعام......رفعت يدي ونفسي تشتهيه
ولا تـرد الأسـود مـاء......إذا كن الكلاب ولغن فـيه
فمحاربة ( كل ناجح ) هي مهمة ( كل ناقص ) ، و كل يمارس دوره و لكن باختلاف الأدوات ، و يكفي ( كل ناجح ) أنه يصعد سلم النجاح بأريحية ، بينما يقبع في الأسفل منه من يحاولون البحث و التفتيش عن أي ثغرات أو هفوات له :
وكم تطلبون لنا عيباً فيعجزكم......و يكره الله ما تأتـون والكـرم
و مع ذلك قد تضطر بالاعتذار للحساد ، كما أعتذر لهم أبا الطيب المتنبي ، حينما قال :
و للحساد عذر أن يشحوا......على نظري إليه و أن يذوبوا
فإني قد و صلت إلى مكان......علـيـه تحسد الحدق القلوب